د. محمد عبد الظاهر

الكاتب والإعلامي المصري محمد عبد الظاهر: الإعلام العربي بحاجة شديدة إلى توظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة داخل المؤسسات الإعلامية

دبي- مصادر نيوز

قال الكاتب والإعلامي المصري الدكتور محمد عبدالظاهر في حديث لصحيفة القبس الكويتية حول محاور كتابه الجديد، “صحافة الذكاء الاصطناعي، الثورة الصناعية الرابعة وإعادة هيكلة الإعلام”، وأيضا واقع استخدامات الذكاء الاصطناعي في الإعلام العربي، إنه بالنسبة للإعلام العربي هناك مبادرات ظهرت خلال العام الجاري، حين وظفت شركة أبوظبي للإعلام في مايو، أول مذيع ذكاء اصطناعي ناطق باللغة العربية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في العالم، ليقدم النشرات الإخبارية باللغتين العربية والإنكليزية، في شراكة مع شركة سوجو الصينية، وتعاون مع البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي. وأعقب ذلك إطلاق مؤسسة دبي للإعلام في يونيو، أول روبوت مذيع لإجراء حوارات إعلامية باللغة العربية، باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي، في خطوة لتفعيل دور تقنيات الذكاء الاصطناعي في قطاع الإعلام الإماراتي. وهناك بعض الصحف التي بدأت الاعتماد على تحليل البيانات- لكن بصورة بسيطة للغاية- للحصول على تقارير صحافية أو استقصائية. لكن بوجه عام مازال الإعلام العربي في حاجة شديدة إلى توظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة داخل المؤسسات الإعلامية- ليست فقط صحافة الروبوت- هناك العديد والعديد من التقنيات التي يمكن الاعتماد عليها مثل «الطباعة ثلاثية الأبعاد، وتحليل البيانات الضخمة، وإطلاق منصات البيانات المفتوحة، والحوسبة السحابية، وغيرها من التقنيات التي ستعزز دور الإعلام وصولا للجمهور المستهدف بأقل تكلفة وبصورة أكثر فاعلية.

الفرص والتحديات

واضاف عبدالظاهر إن الثورة الصناعية الرابعة ستعمل بوتيرة سريعة جدًا على خلق فرص وتحديات للإنسان والبيئة المحيطة؛ لما لها من آثار إيجابية واضحة لهؤلاء الذين يقتنصون تلك الفرص، وتترك آثارًا سلبية لمن يتخلف عن رِكابها أو اللحاق بتكنولوجياتها المُتسارعة، دراسة أو بحثًا أو مشاركة. فكما يقول البروفيسور كلاوس شواب– أول من صاغ مفهوم الثورة الصناعية الرابعة- «مثل غيرها من الثورات السابقة، فإن الثورة الصناعية الرابعة لديها القدرة على رفع مستويات الدخل العالمية وتحسين نوعية الحياة للسكان في جميع أنحاء العالم. حتى الآن، يمكن القول إن الذين استفادوا أكثر من تلك الثورة هم أولئك القادرون على تحمل تكاليف العالم الرقمي والوصول إليه؛ حيث صنعت التقنيات التكنولوجية الناتجة عن تلك الثورة منتجات وخدمات جديدة ممكنة تزيد من كفاءة حياتنا الشخصية ومتعتها. فمثلا: يمكنك طلب سيارة أجرة أو حجز رحلة طيران أو شراء منتج أو إجراء الدفع أو الاستماع إلى الموسيقى أو مشاهدة فيلم أو تشغيل لعبة، من أي مكان توجد فيه. في السياق نفسه، فإن صحافة الذكاء الاصطناعي ستخلق ثورة جديدة في صناعة الإعلام، حيث لا حدود جغرافية، ولا قانونية، ولا قيود تضعها الحكومات على حرية نقل الخبر، أو الوصول إلى المعلومات، المنافسة قوية للغاية، والرابح في السباق من يقتنص تلك الفرص ويستحوذ على أحدث التقنيات الحديثة ويقوم بدمجها في صناعة الإعلام. وللأسف ستتحول دول العالم الثالث إلى سوق مخترقة من كل تلك القنوات والتقنيات الحديثة، وصولا لمعلومات سيادية من قبل وسائل الإعلام وصحافة الذكاء الاصطناعي.

صحافة الذكاء الإصطناعي

وبيّن عبدالظاهر ان مفهوم صحافة الذكاء الاصطناعي يُعد جديدًا، حيث بدأتُ في صياغةِ معناه من خلال الاطلاع على العديد من المقالات والدراسات الأجنبية، التي ركزت بالدرجة الأولى على صحافة الروبوت، حيث يُشير مفهوم صحافة الذكاء الاصطناعي– من وجهة نظري- إلى حقبة جديدة من الإعلام تعتمد اعتمادًا كليًا على تقنيات الثورة الصناعية الرابعة. وعندما بدَأتُ في طرح مصطلح صحافة الذكاء الاصطناعي، كانت هناك جهود سابقة منذ عام أو أكثر تناولت ظاهرة «صحافة الروبوت» التي يُقصد بها قيام الروبوت بأدوار في العمل الإعلامي، وهنا اختلاف كبير بين المصطلحين، فصحافة الروبوت هي جزء بسيط من ثورة صحافة الذكاء الاصطناعي، والروبوت مجرد أداة من أدوات صحافة الذكاء الاصطناعي. يمكن القول إن هناك العديد من الأدوات التي ستوفرها الثورة الصناعية الرابعة، وتلعب دورًا كبيرًا في تشكيل مفهوم صحافة الذكاء الاصطناعي، فصحافة الذكاء الاصطناعي لا تعتمد فقط على «الروبوت» فهو جزء مادي من تلك الأدوات المختلفة، لكن هناك تقنيات عديدة أخرى ستوفرها الثورة الصناعية الرابعة مثل: (منصات إنترنت الأشياء، أجهزة الهاتف المحمولة عالية الدقة، تكنولوجيا كشف المواقع، التفاعل المتقدم بين الإنسان والآلة، التوثيق وكشف الاحتيال، الطباعة ثلاثية الأبعاد، أجهزة الاستشعار الذكية، تحليل البيانات الكبيرة والخوارزميات المتقدمة، التفاعل متعدد المستويات مع العملاء وجمع المعلومات، الواقع المعزز/ الأجهزة القابلة للارتداء، تقنية بلوك تشين)، ولكل تقنية من تلك التقنيات أدوار كبيرة في الدفع بصحافة الذكاء الاصطناعي.

وحول ما اذا كان بالإمكان أن تضع صحافة الذكاء الاصطناعي قيودًا جديدة على حرية الإعلام، قال عبدالظاهر إن صحافة الذكاء الاصطناعي، مثلها مثل أي تقنية تكنولوجية جديدة، يمكن أن يستخدمها الإنسان في الخير أو الشر. فكما هناك روبوت حر يتحرك بشفافية ويدعم حرية تداول المعلومات، ويدعم وسائل الإعلام النزيهة أو تلك التي تتمتع بقدر من المصداقية، هناك أيضًا روبوت يتحدث ويكتب وينفذ أوامر جهات سلطوية، قادرة على كبت وسائل الإعلام وحرية الرأي. وكما هناك منصات للبيانات المفتوحة تدعم الخير للبشرية، وتُشارك كل التقارير والبيانات بصورة سهلة وديموقراطية، ستكون هناك منصات للبيانات المفتوحة أيضا تدعم الجرائم والعنف، واستهداف الدول وتعمل على تدمير النظم المعلوماتية المتاحة لدى الملايين حول العالم.

حول الكاتب مؤلف الكتاب د. محمد عبدالظاهر يعمل مستشارا إعلاميًا لدى مكتب الاتصال الحكومي لدولة الإمارات، وصحافي متخصص لديه أكثر من 19 عاما من العمل الإعلامي في مؤسسات صحافية مثل هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، والأمم المتحدة، ومؤسسة تومسون رويترز الإخبارية. حاصل على الدكتوراه في الإعلام وتطبيقات الهواتف الذكية. والكتاب صادر عن مؤسسة صحافة الذكاء الاصطناعي للبحث والاستشراف بدولة الإمارات، ودار بدائل للنشر والتوزيع في القاهرة.

Optimized with PageSpeed Ninja